على الرغم من أن تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن ضم مرتفعات الجولان السورية إلى السيادة الإسرائيلية مخالفة لقرارات الأمم المتحدة التي تعتبر الجولان أرضا سورية محتلة، إلا أن هذه التغريدة وما تبعها من إدانات عالمية لا تغير لا من الحقائق الثابتة بشأن الجولان ولا من الوضع القائم بهذه المرتفعات منذ احتلالها عام 1967.
فيوم الخميس الماضي أعلن الرئيس الأميركي عبر حسابه على موقع تويتر “أن الوقت قد حان لاعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان ليكشف مسؤول بالإدارة الأميركية غداة هذا الإعلان أن مسؤولين أميركيين يعدون وثيقة رسمية باعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على الجولان، مرجحين أن يوقعها الرئيس الأميركي أثناء الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لواشنطن خلال الأسبوع.
ولقي هذا الإعلان معارضة من قبل كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وروسيا، بالإضافة إلى جميع دول المنطقة باستثناء إسرائيل.
وتحتل إسرائيل هضبة الجولان منذ حرب يونيو 1967 قبل أن تتمكن القوات السورية في المرحلة الأولى من حرب أكتوبر 1973 من تحريرها بالكامل، وفي مرحلة لاحقة أعادت إسرائيل احتلالها من جديد، وأضافت عليها جيبا كبيرا يصل إلى نحو 40 كيلومترا من دمشق لتنتهي الحرب على الجانب السوري باتفاقية فض الاشتباك أو الهدنة الموقعة في جنيف في 31 مايو 1974.
وتنص الاتفاقية على انسحاب إسرائيل من ذلك الجيب، وكذلك من مدينة القنيطرة، وأرض مساحتها 60 كيلومترا مربعا من حولها، وإقامة حزام أمني منزوع السلاح تماما على طول الحدود، عرضه يبدأ بعشرات قليلة من الأمتار جنوبا، ويتسع ليصبح بعرض 6 كيلومترات في القنيطرة ثم يصبح عرضه 10 كيلومترات في جبل الشيخ.
وتقرر أن يكون هذا الحزام منزوع السلاح تماما. وتم الاتفاق على منطقتين أخريين محدودتي السلاح على جانبي الحدود، كما تم الاتفاق على أن يتمتع كل طرف بحرية الطيران العسكري في سماء بلاده، ولكن الاتفاقية فرضت على سوريا أن لا تدخل صواريخ «سام» مضادة للطائرات في الأرض السورية بعمق 25 كيلومترا، كما تقرر إقامة قوة دولية لتراقب تطبيق الاتفاقية.
ووفقا لوثائق إسرائيلية فإن الاتفاقية تضمنت بندين شفهيين الأول تعهدت فيه إسرائيل بأن لا تعترض على عودة السوريين المهجرين خلال الحرب من منطقة الحزام، وفي الثاني تعهدت سوريا بأن لا تسمح بالقيام بعمليات مقاومة من حدودها ضد المناطق التي بقيت إسرائيل تسيطر عليها.
وتعتبر هذه الاتفاقية بمثابة مرجعية دولية في التعامل مع الوضع في الجولان يضاف إليها قرارات مجلس الأمن رقم 242 الذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب 1976 وقرار آخر عام 1973 أعاد تأكيد المطالبة بالانسحاب، وعام 1981 أيد إجراء منفصلا يرفض ضم إسرائيل للجولان.
وبموجب هذه القرارات هناك حقيقة مفادها أن الجولان أرض سورية محتلة، حيث لا يغير الاعتراف الأميركي بالسيادة الإسرائيلية من هذه الحقيقة مثلما لا تغير إدانات هذا الاعتراف من حقيقة أخرى مفادها أن إسرائيل هي صاحبة السيطرة على مرتفعات الجولان، وأن هذه السيطرة لم ينازعها فيها أحد منذ اتفاقية فض الاشتباك باستثناء المفاوضات المباشرة بين الجانبين السوري والإسرائيلي في تسعينيات القرن الماضي، والتي أعقبت الرفض السوري لاتفاق كامب ديفيد قبل أن تتحول هذه المفاوضات إلى مفاوضات غير مباشرة عبر الوسيط التركي مطلع القرن الحالي في حين لم تسفر هذه المفاوضات عن أي تغيير في الوضع.
أما ما الأمر الذي يمكنه إحداث تغيير في هذه الحقيقة؟ فيبدأ من استعادة الدولة السورية لمؤسساتها وتقييم تحالفاتها الإقليمية والدولية وصياغة هذه التحالفات وفقا لمصالح الدولة السورية.
الوطن العمانية