على وقع التوكيد الذي يشبه النفي لإعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوات الأميركية غير الشرعية من سوريا، جاء العدوان الإرهابي الجديد الذي شنه كيان الاحتلال الإسرائيلي ليؤكد أن الإسرائيلي لا يزال حاضرًا في الميدان السوري بالأصالة والوكالة، وليؤكد أيضًا أنه الطرف الأصيل في المخطط الإرهابي الذي يستهدف سوريا، وأنه المعني به تحديدًا عبر العنوان العريض والكبير الذي تعمل تحته المنظومة العدوانية التآمرية على تدمير سوريا وتفتيتها وتقسيمها لصالح تأمين بقاء كيان الاحتلال الإسرائيلي وتنصيبه شرطيًّا على المنطقة.
فالصواريخ الإرهابية التي أطلقها الطيران الحربي لكيان الاحتلال الإسرائيلي من اتجاه إصبع الجليل باتجاه محيط دمشق، والتي تصدت لها الدفاعات السورية، لا تختلف عن ما سبقها من هجمات عدوانية إرهابية، سواء في المضمون والهدف أو الشكل. فالهجمات الإرهابية الإسرائيلية على سوريا قبل إعلان واشنطن ـ الشفهي حتى الآن ـ بسحب قواتها غير الشرعية من الأراضي السورية كانت تهدف إلى رفع المعنويات المهزومة والمنكسرة للتنظيمات الإرهابية التي بني عليها المخطط الإرهابي للإطاحة بالدولة السورية، ومحاولة الإيحاء لهذه التنظيمات بأن القوة العسكرية الإسرائيلية وحليفاتها في المنظومة العدوانية تقف وراءها بالدعم، وبالتالي ما عليها سوى التماسك ورص الصفوف وتنظيمها وتفعيل إرهابها في كل اتجاه في سوريا وضد الشعب السوري، كما تهدف أيضًا إلى عرقلة الجيش العربي عن مواصلة تقدمه ضد فلول الإرهاب وبؤر تكاثرها في المدن والقرى الملوثة بهذه الآفة. أما اليوم وبعد إعلان الانسحاب فإن الهجمات الإرهابية لا تخرج عن دائرة تأكيد الحضور الإسرائيلي لدعم الإرهاب، وأن كيان الاحتلال الإسرائيلي مستعد لأخذ زمام الدور في المناطق السورية المحتلة أميركيًّا من خلال استمرار الدعم لفلول التنظيمات الإرهابية واستمرار الرهان عليها بالتعاون مع بعض قوى الإقليم ذات النزعة الاستعمارية، بحيث تعمل هذه القوى الإرهابية والاستعمارية المتعاونة والخادمة للمخطط الصهيو ـ أميركي على مواصلة عملية الاستنزاف للدولة السورية وحلفائها، وتكريس الواقع الانفصالي والتقسيمي الذي بدأت الولايات المتحدة بذره في التربة السورية في الشمال وشرق الفرات. لكنه عدوان لا يختلف عما سبقه من حيث إنه يعبِّر عن انكسار وهزيمة نفسية ومعنوية وانهيار لمشروع تدميري إرهابي بحت.
على الجانب الآخر، ورغم كل ذلك، لم يخفِ كيان الاحتلال الإسرائيلي أطماعه ومشروعاته التدميرية والتخريبية في سوريا، فقد طالب قادة الاحتلال الإسرائيلي جون بولتون مستشار الأمن القومي في زيارته للمنطقة ولفلسطين المحتلة بأن يطلب من الرئيس ترامب تأخير الانسحاب من سوريا ومساعدة الولايات المتحدة في الحصول على اعترافها بضم مرتفعات الجولان السوري لكيان الاحتلال الإسرائيلي. ويبدو أن كيان الاحتلال الإسرائيلي يساوم أو يقايض بين الموافقة على الانسحاب الأميركي من سوريا مقابل الاعتراف بضم الجولان السوري المحتل، حتى لا يخرج كيان الاحتلال الإسرائيلي من مخطط استهداف سوريا خائبًا، ويعود إلى حيث أتى بخفي حنين رغم كل الدعم اللوجستي والمباشر الذي قدمه للإرهاب التكفيري ضد سوريا وشعبها.
رأي الوطن العمانية
Discussion about this post