بلا مجاملات.. قوانين بلا استثناءات

لا جدال بشأن حاجة إعادة الإعمار والبناء إلى ضرورة أهمية تأهيل جميع القطاعات، وحشد كل طاقات الوطن البشرية والمادية، وفي مقدمة ذلك الحاجة إلى نهضة تشريعية، توافر البيئة المناسبة لمتطلبات الإصلاح الاقتصادي والإداري يكون لها مفاعيل مهمة على صعيد مكافحة الفساد وتسهيل الإجراءات، للتخفيف من الأعباء التي تترتب على كاهل المواطن من جراء ما تتضمنه بعض القوانين والتشريعات، النافذة من ثغرات، واستثناءات. وتالياً تؤكد أن إرادة التطوير والتغيير إرادة وطنية صلبة تلبي حاجات وطموحات المواطنين وتساعد في تجاوز الآثار السلبية للأزمة.

الاجتماع النوعي الذي عقد الأسبوع الفائت في وزارة العدل شكل محطة ارتكاز مهمة على هذا الصعيد.. فقد كان رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس حازماً في موضوع الإسراع في إنجاز الدليل الاسترشادي لتغيير وتعديل وتطوير القوانين والتشريعات تمهيداً للدخول في عملية تطوير شاملة للقوانين التي تساعد في امتلاك بنية قوية ومتماسكة من التشريعات التي تحول دون عبور الفساد من الثغرات والاستثناءات التي تشكل عقبة كأداء أمام عملية النهوض بالقطاعات الإنتاجية والخدمية.

لقد كانت مضامين المناقشات والحوارات التي دارت في الاجتماع ترجمة عملية لتوجيهات السيد الرئيس بشار الأسد خلال ترؤسه اجتماع الحكومة مؤخراً والذي أوضح فيه أن الجزء الأكبر من الفساد يأتي من الثغرات الموجودة في القوانين.. مشيراً إلى أن القاسم المشترك بين أغلبية القوانين هو وجود بنود استثنائية فيها ما يؤدي إلى الفساد، مؤكداً أنه يجب على الوزارات جميعها العمل بشكل سريع للبحث عن كل الاستثناءات الموجودة في القوانين من أجل إلغائها تماماً.

باختصار، لا يمكن لأي قانون في هذا العالم أن يبقى ملبياً لحاجة المجتمع إلى ما لا نهاية لأن الأسباب التي وضع من أجلها تتبدل، وتتغير.. لذلك فإن عملية التطور تتطلب باستمرار التحديث والتعديل لتتناسب مع المتغيرات التي تحدث في المجتمعات. وانطلاقاً من ذلك فإن عملية إعادة الأعمار تقتضي بذل الجهود بالسرعة الممكنة لتكوين رؤية تحليلية لعملية تحديث القوانين على مختلف مستويات العمل في السلطتين التشريعية والتنفيذية، بغية إحداث نقلة نوعية تساهم في نشوء بيئة تشريعية خالية من الثغرات والاستثناءات وتقضي على أي بيئة حاضنة للفساد.. فالتحديث حاجة أساسية لأي نهضة تنموية صناعية أو اجتماعية أو ثقافية.. لأن القوانين هي أيضا تهرم وتشيخ.

صحيفة تشرين – جمال حمامة